تفسير قوله تعالى: (أيعدكم أنكم إذا متم هيهات هيهات لما توعدون)
قال الله تعالى عنهم أنهم قالوا: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٥] أي: يعطيكم الوعد وتصدقونه في الكلام الذي يقوله: أننا بعدما نموت ونكون تراباً وعظاماً سنخرج مرة أخرى؟ وقوله: ((مِتُّمْ))، هذه قراءة نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف بالكسر، وقراءة الجمهور غير هؤلاء يقرءون: (إذا مُتم) بالضم من مات يموت موتاً، ومات يمات كذلك، فتكون مِتُ ومُتُ.
قوله: ((إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا)) أي: صرتم تراباً وعظماً، ((أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ)) هؤلاء يتعجبون ويقولون: كيف سنرجع مرة ثانية إلى هذه الدنيا؟! قال تعالى: ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٦] أي: لم ننظر أحداً مات ثم رجع، وكأنهم يقيسون الآخرة على الدنيا، ولذلك قالوا: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ * هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ﴾ [المؤمنون: ٣٥ - ٣٦] وقوله: (هيهات) أي: بعد بعداً عظيماً، ومستحيل أن يكون هذا.
فقوله: ((هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ))، هذه قراءة الجمهور، وقراءة أبي جعفر (هيهاتِ هيهاتِ لما توعدون) بالكسر فيها، ووقف عليها الكسائي وأبو عمرو هكذا: (هيهاه) وإذا وصلاها قالا: (هيهات هيهات) على قراءة الجمهور، لكن الجمهور إذا وقفوا عليها قالوا: (هيهات) بالتاء.