ظهور القلم
من علامات الساعة كما جاء في هذا الحديث: (وظهور القلم)، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم).
وأيام النبي ﷺ كان يقول لهم: (نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) أي: الذين يكتبون عدد قليل جداً، ولكن هو يخبر أنه في يوم من الأيام سيكون أكثر هذه الأمم يعرفون القراءة والكتابة، وسيظهر القلم، وسيكون كل إنسان يقرأ ويكتب ويحسب ويعرف هذا الشيء، وليس هذا ذماً لظهور القلم أن يكتب الناس، ولكن يخبر أن الأمة العربية التي كانت جاهلة وكانت أمية، سيأتي يوم من الأيام على أغلبها يظهر فيهم القلم، وسيكون كل شيء بالكتاب، ويخبر أنه ستصاب هذه الأمة بالنسيان، حتى تحتاج إلى القلم.
فالعرب لم يكونوا يحتاجون إلى القلم، بل منهم من كان يفتخر أنه لا يكتب بالقلم كما قال الشعبي: ما كتبت بيضاء في سوداء، بل يسمع فقط، وكان حافظاً من الحفاظ، وعالماً من العلماء، وفقيهاً من الفقهاء، ويحفظ ما سمعه، والإمام ابن شهاب الزهري عالم لا يحتاج إلى كتاب يكتب إليه، فهو يحفظ الحديث حين يسمعه من مرة واحدة فقط، ولا يحتاج أن يكرر عليه الحديث، قال العلماء عنه: الحديث الذي لا يعرفه الزهري ليس بحديث، فـ الزهري ليس محتاجاً إلى أن يكتب، حفظه قوي جداً، فكان العرب هذه عادتهم، إذْ كانوا يفتخرون بالحفظ، فإذا بأحدهم يحفظ القصيدة مائة بيت ومائتي بيت من الأول إلى الآخر، وينكسها من الآخر إلى الأول من غير كتابة ولا حفظ يعانيه ولا غيره! فقوله صلى الله عليه وسلم: (وظهور القلم) معناه: ستنسون وستتعودون على النسيان، حتى تحتاجوا إلى أقلامٍ لكتابة هذا الشيء.