التماس العلم عند الأصاغر
في الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني من حديث أبي أمية الجمحي: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)، والمعنى: أن الناس يتركون العلماء والكبراء الذين يدعونهم إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويطلبون العلم عند الجهلة، الذين لا يعرفون شيئاً عن كتاب الله، وعن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أو الذين لا يتكلمون بالكتاب ولا بالسنة وإنما بالعقل وبالهوى، وبما يعجب من يعينه في منصبه فيلتمس عندهم العلم، فهؤلاء وصفهم بأنهم الأصاغر؛ لأنهم ليس عندهم علم الكتاب، ولا علم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أو عندهم لكن لا يقولون به، ولا يعملون به، فمن أشراط الساعة أن يقبل الناس على هؤلاء، حتى إن أحدهم إذا دعي إلى كتاب الله عز وجل، وقيل له: نرجع لأقوال السلف الصالح، أقوال الصحابة والتابعين وما رواه الإمام البخاري وما رواه الإمام مسلم يقول: لا حاجة إلى هذه الأشياء، ويخرف ويتكلم بعقله، فيلتمس عند هؤلاء العلم الباطل حتى إن أحدهم ليرد كتاب الله عز وجل وما أجمعت عليه الأمة ببساطة، يخرج أحدهم على الناس ويقول لهم: إن آدم أبو البشر ليس أول مخلوق بل إنه وجد قبله بشر خلقهم الله، ويقول: آدم له أب، وله أم! مع أن الله عز وجل قد ذكر أنه خلق آدم من تراب وأنه لم يكن قبله أحد من البشر، فأبو البشر هو آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، والمسلمون مجمعون على ذلك، وببساطة يرد الإجماع ويرد ما جاء في القرآن، وما جاء في السنة، ودليله على قوله الباطل أن علماء الغرب يقولون: إن جنس البشر موجود على الأرض منذ كذا مليون سنة، وآدم ما له إلا كذا ألف سنة، فيصدق بأشياء لا دليل عليها، ويكذبه علماء الطبيعة، وعلماء الدنيا الذين يعرفون هذا الأمر أكثر منه، فإذا به يعاند، وإذا ذكر حديث في صحيح البخاري أن النبي ﷺ قال كذا أو فعل كذا، إذا كان عقله يقبل هذا الشيء قبله، وإلا قال: لا أقبله، ويتفاخر ويقول: أنا أرد حديث البخاري الذي فيه أن النبي ﷺ سحر، ولا أقبل هذا الحديث، لأن عقلي لا يقبل هذا الحديث! وليس الأصاغر بمعنى أن عمره عشر سنين أو خمسة عشر سنة، فقد يكون شيخاً كبيراً عمره سبعين أو ثمانين سنة لكنه صغير في العلم لا علم عنده، لا يعرف كتاباً ولا سنة، ويغر بعض هؤلاء أنه عالم باللغة العربية، ودخل مجمع اللغة العربية، ومجمع البحوث الإسلامية من هذا الباب، فإذا به يفتي في الفقه، ويفتي في القرآن، ويفتي في كذا؛ لأنه عالم باللغة العربية، فيتكلم بكلام لم يقله أحد قبله، ولا يستحيي من نفسه أنه لم يقل أحد هذا الكلام قبله، حتى إنه ليرد على من أنكر عليه بقوله: يوجد من يوافقني على ما أقول، والمخالفون لي أقل وهكذا بعض الشيعة وبعض المسلمين، وفيهم هذا الذي يتكلم أن آدم أبو البشر ليس أول إنسان، وببساطة يكلم الشيخ ويقول له: توجد أحاديث في البخاري أنا أردها! فيقال لمثل هذا.
ما هي العلة التي رددت بسببها أحاديث البخاري ومسلم؟ وما هو الحكم الذي تحكم من خلاله على الأحاديث بالضعف؟ فقد يأتي غيرك ويقول: وأنا أيضاً هذا الحديث عندي غير صحيح، وأصبح الحديث الذي نعرف صحته بالنظر في سنده ومتنه مردود عند هؤلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلم تبق إلا الأحاديث المكذوبة التي يرويها الشيعة وغيرهم، فنقول له: أنت تأخذ بهذه المكذوبات وتقول بها؟ فبماذا تعرف دينك إذا تركت أحاديث النبي ﷺ وتركت ما عرفناه من كتاب الله عز وجل؟ فما الذي يبقى للإنسان إذا رد ذلك؟