تفسير قوله تعالى: (سورة أنزلناها وفرضناها)
قال الله تعالى: ﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ١ - ٣].
هذه السورة بدأها الله سبحانه وتعالى بذكر السورة، فقال: ((سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) أي: هذه السورة العظيمة سورة نزلت من عند الله عز وجل، وقد فرض عليكم أن تقيموا الأحكام والشرائع التي أنزل فيها.
ثم ذكر حكماً من الأحكام التي في هذه السورة فقال: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [النور: ٢]، وقدم الزانية على الزاني لشدة فتنة المرأة، فهي تدعو الرجل إلى الوقوع في هذه الجريمة الشنيعة، فبدأ بها وقال: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]، وهذا الحكم عام في جميع الزناة سواء كانوا محصنين بزواج أو غير محصنين بزواج، فيكون الجلد مائة على غير المحصن، وزاد عليه النبي ﷺ أنه يغرب سنة، كما في الحديث، ويكون الجلد مائة في الثيب من النساء والرجل المحصن بزواج، ثم بعده الرجم، كما صنع ذلك علي رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وقد يختص الحكم هنا بغير المحصنين، فيكون قوله: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ [النور: ٢] أي: إذا لم يكونا محصنين بزواج ﴿فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [النور: ٢].


الصفحة التالية
Icon