تفسير قوله تعالى: (والذي نزل من السماء ماء بقدر)
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ [الزخرف: ١١].
قال تعالى: ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾ أي: بمقدار الحاجة إليه، فلم يجعله طوفاناً يهلك، ولا رذاذاً لا ينبت، بل قدره بما ينفعكم ويقضي حاجاتكم، فهو غيث مغيث.
وقوله تعالى: ﴿فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ أي: أحيينا به بلدة ميتاً من النبات، قد درجت من الجدب، وعتت من القحط، فأحياها الله سبحانه وتعالى بعد موتها بهذا الماء.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ أي: من بعد فنائكم ومصيركم في الأرض كذلك يخرجكم الله سبحانه وتعالى أحياءً، وقد تقدم أن من أدلة البعث والنشور الاعتبار بإحياء الله تعالى الأرض بعد موتها.
قال بعض العلماء في قوله تعالى: (والذي نزل من السماء ماء بقدر): أي: بقدر سابق وقضاء، وهذا تفسير آخر.
وقال بعض العلماء: أي: بمقدار يكون به إصلاح البشر، فلم يكثر الماء جداً فيكون طوفاناً فيهلكهم، ولم يجعله قليلاً دون قدر الكفاية، بل نزله بقدر الكفاية من غير مضرة، كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [المؤمنون: ١٨]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [الحجر: ٢١]، إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر: ٢٢].


الصفحة التالية
Icon