تفسير قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله)
قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ [محمد: ١٤].
قوله: ((أَفَمَنْ كَانَ)) الهمزة فيه للإنكار، والفاء للعطف على مقدر كنظائره، و (من) مبتدأ، والخبر ((كمن زين له))، وأفرد هنا باعتبار لفظ (من)، وجمع في قوله: ((وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)) باعتبار معناه.
ثم قال: ((وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ))، فجمع باعتبار معنى (من)؛ لأن (من) هنا تفيد العموم.
قال القرطبي: الأَلِف أَلِفُ تقرير، ومعنى: ((عَلَى بَيِّنَة)) أي: على ثبات ويقين قاله ابن عباس.
وقال أبو العالية: إن المقصود به هو رسول الله ﷺ في قوله: ((أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ))، وقوله: ((عَلَى بَيِّنَةٍ)) المقصود بالبينة الوحي، ((أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ)) أي: عبادة الأصنام، وهو أبو جهل والكفار.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يقول تعالى: ((أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ)) أي: على بصيرة ويقين في أمر الله ودينه، وبما أنزل الله في كتابه من الهدى والعلم، وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة، هل هذا كمن: ((كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)) أي: ليس هذا كهذا، وهذا كقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى﴾ [الرعد: ١٩]، وكقوله: ﴿لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الحشر: ٢٠].


الصفحة التالية
Icon