ديدن الكفار في تشويه الإسلام
لنتأمل هنا قوله: فإنه حصل بسببه خير جزيل، وأمن الناس، واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر وانتصر العلم النافع والإيمان.
يعني: يستحيل أن الحق الذي هو الإسلام أن يهزم في معركة شريفة مع الباطل، لكن دائماً الذي يحصل هو أن أعداء الإسلام لا يعرفون الشرف، ولا يعرفون احترام مبدأ ولا عهود ولا مواثيق، أما إذا حصلت مواجهة شريفة ليس مهماً تكاثر الباطل، فإن الباطل لا يعد شيئاً، ودائماً الله سبحانه وتعالى يذكر الباطل والظلمات في القرآن الكريم بصيغة الجمع، أما النور والإسلام والحق فهو دائماً يأتي بصيغة المفرد: ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [الأحزاب: ٤٣]، فالنور مفرد، أما الباطل فإنه لا ينتهي عدده، ولا حصر له، فلو أنه ترك للحق أن يتكلم بدون شغب ولا تشويش أو تشويه، وبدون صد عن سبيل الله ولا إرهاب -وهم الإرهابيون في الحقيقة- واستطاع الناس أن يلتقطوا هذه الرسالة الربانية بدون تشويش على هذا الإرسال فإن الله سبحانه وتعالى يفتح قلوب الناس فيدخلون في دين الله أفواجاً كما حصل من قبل، ولكن لأن أعداء الإسلام يعرفون جيداً أنه لو ترك الناس يستمعون إلي صوت الحق والإسلام وهو غير مشوش ولا مشوه؛ لدخل الناس في دين الله أفواجاً، ورغم كل الحرب القائمة الآن على الإسلام فهو المنتصر، فنحن في حرب عالمية حقيقية، وليست حرباً عالمية مجازية، ولكن الأسلحة الآن حديثة وذكية تتعامل بأسلوب غير الأساليب الماضية للاستعمار القديم عن طريق الاحتلال والقوى العسكرية، فالآن يستخدم الإذلال والهيمنة لتأخذ صورة حديثة -وللأسف الشديد- هي أشد فعالية وأقوى؛ لأنها تعتمد على تسخير التكنولوجيا الحديثة، والعلم، والأساليب المدروسة؛ فلذلك هي حرب قذرة غير شريفة؛ لأن كل الهدف هو الصد عن سبيل الله، فيصدون عن سبيل الله بالمذابح والقتل والإرهاب.
وأنتم ترون ما يحصل الآن في كوسوفا أو ما حصل بالأمس القريب في البوسنة والهرسك، ولنأت إلى التاريخ من أجل أن يعرف الناس وحشية الغرب ووحشية الكفار من التاريخ القديم سواء في الحروب الصليبية أو غيرها، أما الآن فنحن في صفحة في الواقع تكشف لنا مصداق قول الله تبارك وتعالى: ﴿كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً﴾ [التوبة: ٨]، لا يمكن أن يحترموا عهداً أو ذمة، وإنما كما ترون المذابح والتشريد والوحشية التي يمارسها هؤلاء الصرب، ولا أدري كيف يقبلون أنهم ينتمون إلى المسيح عليه السلام! كيف يصدقون أنفسهم بهذه الوحشية وهذه الهمجية وهذه الجرائم التي يرتكبونها ضد المسلمين على مرأى ومسمع، والمسرحية مفهومة، وكل الناس يتكلمون والجرائد تتحدث، وأنتم ترون هذه الأشياء ولا نكثر من ذكرها، ولكن هذا الذي يحصل من القتل والتدمير والتصفية وما يسمى بالتطهير العرقي هو أحد أساليب الصد عن سبيل الله، ويشوهون الإسلام بأنه دين الإرهاب ودين القتل وسفك الدماء ودين كذا!! ومع ذلك ما زال الناس ومن أعماق ديارهم يدخلون في دين الله أفواجاً يوماً بعد يوم، والقصص لا تنتهي ممن يهديهم الله سبحانه وتعالى إلى الإسلام! فتخيل لو أن الإسلام في دولة على وجه الأرض تتبناه، كما يوجد للنصرانية دولة تتبناها وهي الفاتيكان، فدولة واحدة للإسلام غير موجودة، أو ينفق عليه من أموال المسلمين بحيث تدعم وتقوى الدعوة للإسلام، وتخيل لو أن الإسلام لم يشوه ولم يحارب بهذه الصورة.
فهم يصورون الإسلام في الحقيقة بصورة في غاية الخطورة، فيصورون للناس أننا نعبد الحجر الأسود والكعبة وأنها إلهنا، أو أننا نعبد محمداً عليه السلام كما يعبدون هم عيسى، وأننا نعتقد أنه يوجد ثالوث، وغير ذلك من التشويش الذي يحصل، وكذا أيضاً يستغلون ما يحصل للأسف الشديد من سلوكيات بعض الحمقى من بعض التيارات الإسلامية كما فعل -والله المستعان- المدعو أبو حمزة المصري لما أتى بالتصرفات التي يفعلها على مرأى ومسمع من العالم، فهم يفتحون له الإعلام تماماً؛ ليتحدث في كل قضية تمثل الدين بكلام لا يقوله المجانين، وهو يشوه الإسلام، وينفر الكفار من دين الإسلام؛ لذلك يفتحون له الإعلام على مصراعيه؛ لأنه يتكلم كلاماً لا يقوله إنسان عاقل يقول: إننا سوف ندمر الغرب، ونخترع قنابل تنزل ببالونات تفجر بريطانيا كلها! ويوهمون الناس أن هذا ممثل الإسلام! فهذا الجاهل المعتدي الظالم الصاد عن سبيل الله يظهر على أنه يمثل الإسلام! الشاهد: أن الحرب لو كانت شريفة لا يمكن أبداً أن ينهزم الإسلام، فالمسلمون لا ينهزمون أبداً في مواجهة شريفة، وانظر إلى أي مناظرة جرت في نطاق التاريخ الإسلامي كله بين عالم إسلامي متأهل وبين أعظم فطاحلة علماء اليهود أو النصارى، النتيجة معروفة تماماً وهي الاندحار، وأنهم لا يمكن أن يقووا على الصمود على الإطلاق، والقصص كثيرة جداً في هذا المضمار.