ظن السوء الذي تمكن في قلوب المنافقين
قوله تعالى: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾ [الفتح: ١٢] أي: حسن ذلك الظن المفهوم من (ظننتم) في قلوبكم، فلم تسعوا في إزالته؛ فتمكن فيكم فاشتغلتم بشأن أنفسكم غير مبالين بالرسول ﷺ والمؤمنين.
(وزين ذلك في قلوبكم) أي: زين ذلك الظن، فالإشارة هنا إلى غير مذكور، ولكنه مأخوذ من قوله: (بل ظننتم) يعني: وزين ذلك الظن في قلوبكم، فبالتالي لم تسعوا إلى إزالة هذا الظن ولا معالجته، فتمكن من هذه القلوب حتى اشتغلتم بأنفسكم، غير مبالين بما يحصل للنبي ﷺ ولأصحابه رضي الله تعالى عنهم.
قال القاسمي: أي: حسن الشيطان ذلك وصححه، حتى حبب لكم التخلف، (وظننتم ظن السوء) يعني: أن الله لا ينصر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، (وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا) أي: هلكى، وقيل: لا يصلحون لشيء من الخير، وقال الجوهري: البور: الرجل الفاسد الهالك، وقال عبد الله بن الزبعرى السهمي: يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور وبور: جمع بائر، مثل: حائل وحول، وعائذ وعوذ، وباذل وبذل، وقد بار فلان أي: هلك، وأباره الله أي: أهلكه، وقيل: بوراً أي: أسراباً، أي: وكنتم في علم الله تعالى الأزلي (قوماً بوراً) أي: هالكين؛ لفساد عقيدتكم، وسوء نيتكم، فاستوجبتم سخط الله تعالى وعقابه جل شأنه.


الصفحة التالية
Icon