نكتة حذف الواو من قوله: (قال قرينه ربنا ما أطغيته)
إن قلت: لم طرحت الواو من جملة: ((َقَالَ قَرِينُهُ ربنا ما أطغيته))؟ وذكرت في الأولى.
قلت: لأنها استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول كما رأيت في حكاية التقاول بين موسى وفرعون.
المقصود أن الجواب على هذه النقطة في التقاول كأن تقول مثلاً: قلت له كذا فقال لي كذا، فقلت له كذا، قال: كذا وكذا، فالواو غير موجودة؛ لأن في داخل السياق وفي أثنائه عملية محاورة، فلما قال: ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ [ق: ٢٣] وتبعه بقوله: ((قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ)) وتلاه بقوله: ((لا تَخْتَصِمُوا)) علم أن ثم مقالة من الكافر، لكنها طرحت للدلالة عليها من السياق، كأنه لما قال القرين: ((هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ)) قال الكافر: رب هو أطغاني، فلما قال الكافر ذلك، ((قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)) فلما حكى قول القرين والكافر قال الله سبحانه وتعالى: ﴿لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾ [ق: ٢٨].
وذكر الواو في الجملة الأولى ((وقال قرينه هذا ما لدي عتيد)) لأنها أول التقاول، ولابد من عطفها للدلالة على الجمع بين معناها ومعنى ما قبلها في حصول مجيء كل نفس مع الملكين: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ق: ٢١].