تفسير قوله تعالى: (وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم)
قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفَاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطَاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ﴾ [الطور: ٤٤]: هذا جواب لمشركي قريش حيث كانوا يستعجلون العذاب ويقترحون الآيات، كما قال تعالى عنهم: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعَاً﴾ [الإسراء: ٩٠] إلى قوله: ﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفَاً﴾ [الإسراء: ٩٢] يعني: قطعاً، وفي الآية الأخرى: ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفَاً مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الشعراء: ١٨٧]، فالله سبحانه وتعالى يقول لهم: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفَاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطَاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ﴾ يعني: لو أن الله استجاب استعجالهم هذا العذاب ونزوله بهم، وحقق لهم ما اقترحوه؛ لعاندوا ولجادلوا ولقالوا: ليس هذا عذاباً لكنه: ((سَحَابٌ مَرْكُومٌ)) يعني: متراكم بعضه فوق بعض.
يقول الزمخشري: يريد أنهم لشدة طغيانهم وعنادهم لو أسقطناه عليهم لقالوا: هذا سحاب مركوم بعضه فوق بعض يمطرنا، ولم يصدقوا أنه كسف ساقط من عذاب! قال تعالى: ﴿فَذَرْهُمْ﴾ [الطور: ٤٥] أي: يخوضوا ويلعبوا ويلههم الأمل، ﴿حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ﴾ [الطور: ٤٥] أي: يموتون.
قال تعالى: ﴿يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾ [الطور: ٤٦] أي: لا يدفع عنهم مكرهم من عذاب الله شيئاً: ﴿وَلا هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [الطور: ٤٦].