تفسير قوله تعالى: (فلله الآخرة والأولى)
قال تعالى: ﴿فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى﴾ [النجم: ٢٥].
أي: فمصير الأمر في الآخرة والأولى لله تبارك وتعالى لا للإنسان.
فانظر إلى الربط بين هذه الآية وما بعدها، فقوله: ﴿أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى﴾ [النجم: ٢٤] أي: هل للإنسان الذي يظل يتمنى الأماني ويستمتع بأن يفترض ويتخيل ويمني نفسه بالأماني، هل له ما تمنى؟
ﷺ لا، لا ينال الإنسان الأمور بالأماني، بل لابد من العمل، فلذلك قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى﴾، يعني: مصير الأمر في الدنيا وفي الآخرة بيد الله تبارك وتعالى، وليس للإنسان من الأمر شيء، ولن تسير الأمور حسب ما تسول له نفسه الأمارة بالسوء؛ لأن الله سبحانه وتعالى لن يتبع أهواهم، ولن يتبع أمانيهم، كما قال عز وجل: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [المؤمنون: ٧١]، ولذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب قطعاً للمعاذير، وإقامة للحجة على هؤلاء الناس، وقد جاءتهم الحجة، ولذا قال: ((وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى)).
ونبه الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل على سبل السعادة التي لا تخفى على بصير، فمن أراد الحق مخلصاً يصل إليه، ويوفقه الله إلى هذا الحق، ولن يجد شيئاً يكبله ويحول دونه ودون الانقياد لهذا الحق.