معنى قوله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي)
قوله تعالى: ((فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)) أي: إن حبستم عن إتمام الحج والعمرة فما استيسر من الهدي، وهناك خلاف مشتهر بين العلماء في الإحصار، هل الإحصار يكون بالعدو فقط؟ ذهب بعض العلماء إلى أن الإحصار لا يكون إلا بالعدو، واستدلوا بقوله تبارك وتعالى بعد ذلك: ﴿فَإِذَا أَمِنتُمْ﴾، فلا يقال لمن مرض: فإذا أمنتم، وإنما يقال ذلك لمن حبسه العدو.
وفريق آخر من العلماء قالوا: إن الإحصار يشمل الإحصار بالعدو، ويشمل الإحصار بالمرض أو بالسلطان الظالم أو بأي سبب من الأسباب التي يحصر بها الإنسان.
وقوله: (فما استيسر) أي: فاذبحوا أو فانحروا الواجب عليكم أو أهدوا ما استيسر من الهدي، والهدْي أو الهديّ جمع هدية، وهو: ما أهدي إلى مكة من النعم لينحر تقرباً إلى الله تعالى.
والهدي يجب على من أحصر ما لم يشترط، فإذا اشترط الإنسان عند الإحرام فلا يجب عليه إذا أحصر أن يذبح هدياً؛ لأنه ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ (دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله! إني أريد الحج، وأنا شاكية -أي: مريضة- فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني)، فإذا أراد الإنسان أن يحرم بالحج أو العمرة، ويخشى أنه قد يحبسه حابس من سلطان ظالم أو عدو أو مرض أو غير ذلك من الأعراض، ويريد ألا يكون عليه هدي إذا أحصر؛ فيشترط عند الأحرام بأن يقول مثلاً: لبيك اللهم بعمرة، ومحلي من الأرض حيث تحبسني أي: محلي حيث حبستني.
يعني: أنا أحرم لكن بشرط: إن حبست وأحصرت فأنا محل ولست محرماً، وهذا يسمى الاشتراط في الإحرام.