تفسير قوله تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم)
قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا﴾ [البقرة: ١٩٨] يعني: في أن تبتغوا، أي: تطلبوا.
﴿فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] بالتجارة في الحج، نزل رداً لكراهتهم ذلك، فبعض الناس كانوا يتحرجون من التجارة في الحج، فنزلت هذه الآية لإباحة ذلك، ((لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ)) وهذه الصيغة تفيد الإباحة.
﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ﴾ أي: دفعتم ﴿مِنْ عَرَفَاتٍ﴾ بعد الوقوف بها، ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ بعد المبيت بمزدلفة للتلبية والتهليل والدعاء، وقيل: المشعر الحرام هو جبل في آخر المزدلفة يقال له: قزح، وأغلب الناس لا يقفون هذه الوقفة، وهذه غير وقفة عرفات، ووقفة عرفات كل الناس يهتمون بها، أما وقفة المزدلفة فيندر من يهتم بها من الحجاج، وهي وقفة تكون بعد صلاة الفجر، فيصلي الحاج الفجر مبكراً جداً بقدر المستطاع ثم يستقبل القبلة، ويظل واقفاً يدعو حتى إذا أسفر جداً -يعني: ينتشر الضوء وتكاد الشمس أن تطلع- يتجه إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، فهذه الوقفة من المواضع المباركة في الحج، ولكن أكثر الناس يغفل عنها، وفي الحديث: (أنه ﷺ وقف في المشعر يذكر الله ويدعو حتى أسفر جداً) رواه مسلم.
﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ لمعالم دينه ومناسك حجه، والكاف هنا للتعليل، يعني: لأنه هداكم، ﴿وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ﴾ يعني: من قبل هداه، ﴿لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ يعني: عن هذه الشرائع.