معنى قوله تعالى: (فيهما من كل فاكهة زوجان) والفرق بين ثمار الدنيا وثمار الآخرة
يقول ابن كثير ((فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ)) يعني: فيهما من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخير مما يعلمون، ومما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ((فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)).
ثم قال رحمه الله تعالى: وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل).
لكن الحنظلة في الجنة تكون حلوة وليست مرة كشجر الدنيا.
ثم قال رحمه الله: وقال ابن عباس: (ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء) يعني: أن بين ذلك بوناً عظيماً وفرقاً بيناً في التفاضل.
وهذا نفس الشيء بالنسبة لعذاب النار، فإذا وصف عذاب النار بوصف في الدنيا فهو مجرد الأسماء، حتى داء الجرب في القرآن إشارة على أنه من عذاب أهل النار، كما في قوله تعالى: ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ [إبراهيم: ٥٠]، ومعروف أن العرب كانوا يعالجون الإبل من الجرب بدهنها بالقطران الأسود، ففي الآخرة يسلط عليهم داء الجرب، ولكن ليس جرب النار والعياذ بالله كجرب الدنيا، مع أنه في الدنيا من أشد الأمراض وأقبحها وأبغضها إلى الإنسان، يقول لك: كأني أجرب وأعياه داء.
ففي الآخرة يسلط عليهم أيضاً جرب لكن هناك تفاوت كثير في حقيقة العذاب به، إذاً: قوله: ((سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ)) يعني: فيدهن بقطران، لكن هناك تفاوت بين قطران الآخرة وقطران الدنيا، فقطران الآخرة ستشب فيه النار ويتضاعف العذاب.
الشاهد: أنه ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء فقط، وهناك تفاوت وبون شاسع سواء في حالة العذاب أو في حالة النعيم كما أشرنا.
وقال أبو بكر الوراق في تفسير قوله تعالى ((فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ)): لمن كانت عيناه في الدنيا تجريان من مخافة الله عز وجل.
يعني: على أساس أن الجزاء من جنس العمل.


الصفحة التالية
Icon