حرمة إتيان الزوجة قبل الكفارة
ما الذي يترتب على الظهار من أحكام؟ إذا ظاهر الرجل من امرأته ترتب على ذلك أمور: فأول ما يترتب على الظهار: حرمة إتيان الزوجة حتى يكفر كفارة الظهار؛ لقوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٣].
أما الثاني فهو وجوب الكفارة بالعود؛ لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣].
والعود له مبدأ وله منتهى، فمبدأ العود هو العزم على الوطء، ومنتهاه هو: الوطء بالفعل، فمن عزم على الوطء فقد عاد في النية فينطبق عليه قوله تعالى: ((ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا))، فتلزمه الكفارة لإباحة الوطء، ومن وطأ بالفعل تحتم في حقه اللزوم وخالف بالإقدام على الوطء قبل التكفير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه كان حريصاً على قتل صاحبه)، فبين أن العزم على الفعل عمل يؤخذ به الإنسان، فمثلاً من ذهب إلى المكان الذي فيه الخمر ليشتري الخمر فهو حريص وعازم لكن وجد المكان مغلقاً، فقد وصلت النية لمرحلة العزم والإصرار.
والنبي عليه السلام قال: (إذا اقتتل المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار.
قيل: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه)، فالعزم مما يؤاخذ به الإنسان.
وكما يحرم المسيس تحرم مقدماته.
وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة.
وقال الثوري والشافعي في أحد القولين: إن المحرم هو الوطء فقط؛ لأن المسيس كناية عن الجماع.
واستدل الجمهور بالعموم الوارد في قوله تعالى: ((مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا))، فقالوا: إن هذا يعم جميع أوجه الاستمتاع.
واستدلوا أيضاً بمقتضى التشبيه الذي هو سبب الحرمة في قوله: (كظهر أمي).
كذلك استدلوا بأمر النبي عليه الصلاة والسلام الرجل الذي ظاهر من زوجته بالاعتزال حتى يكفر، وفي الحديث: (فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به).
أما الشافعي في أحد قوليه والثوري فقد استدلا على قصر الحكم على الوطء بأن الآية ذكرت المسيس، وهو كناية عن الوطء فيقتصر عليه، وأن الحرمة ليست هي معنى يخل بالنكاح، فأشبه الحيض الذي يحرم الاستمتاع فيه فيما بين السرة والركبة.
على أي الأحوال ربما يكون الأحوط هو الأخذ بمذهب الجمهور لما ذكرناه.