وجوب التصلب في الدين في مقابلة المبطلين
يقول القاسمي في تفسير هذه الآية الكريمة: من أشباه هذه الآيات قوله تعالى: ﴿لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨].
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٢٤].
ثم نقل عن ابن كثير ما نقلناه آنفاً عن سبب نزول هذه الآيات: أن آية كذا نزلت في فلان قتل أخاه، وفلان قتل أباه إلى آخره.
قال القاسمي: وقد بينا مراراً أن المراد بسبب النزول في مثل ذلك: صدق الآية على هؤلاء، وما أتوا به من التصلب في دين الله في مقابلة المبطلين، ولو كانوا من أقرب الأقربين.
قال ابن كثير: ومن هذا القبيل حين استشار رسول الله ﷺ المسلمين في أسارى بدر، فأشار الصديق بأن يفادوا، فيكون ما يؤخذ منهم قوة للمسلمين وهم بنو العم والعشيرة، ولعل الله تعالى أن يهديهم؛ وقال عمر: لا أرى ما يرى يا رسول الله، إلا أن تمكني من فلان، وتمكن علياً من عقيل، وتمكن فلاناً من فلان ليعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين.
وقال ابن كثير: في قوله تعالى: ((رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)) سر بديع، وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله تعالى، عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم والفضل العميم.


الصفحة التالية
Icon