تفسير قوله تعالى: (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا)
قال الله تعالى: ﴿وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾ [الحشر: ٣] أي: ولولا أنه قضى أنه سيجليهم عن دارهم، وأنهم سيبقون مدة فيؤمن بعضهم، ويولد لهم من يؤمن، فهذه حكمة استبقائهم، وأما غيرهم فقد أبيدوا وقتلوا.
﴿وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾ [الحشر: ٣] أي: بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة، والجلاء: هو مفارقة الوطن، يقال: جلا بنفسه جلاء، وأجلاه غيره إجلاء، والفرق بين الجلاء والإخراج -وإن كان كلاهما فيه معنى الإبعاد- من وجهين: الأول: أن الجلاء يكون مع الأهل والولد، والإخراج: قد يكون مع بقاء الأهل والولد، أي: أنه ينفى ويبقى أهله وولده في البلد.
الفرق الثاني: أن الجلاء لا يكون إلا لجماعة، والإخراج يكون لواحد ويكون لجماعة، قاله الماوردي.