تفسير قوله تعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله)
يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الصف: ٧].
أي: لا أحد أظلم ولا أشد عدواناً ممن يدعى إلى الإسلام الظاهر حقيقته، المسعد له في الدارين، فيستبدل إجابته بافتراء الكذب واختلاقه على الله، وذلك قوله عن كلامه تعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: ١١٠] وقوله عن رسوله صلى الله عليه وسلم: إنه ساحر.
وهذه الآية إما مستأنفة لتحقيق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون طليعة للآيات بعدها، وإما متممة لما قبلها.
يعني: أن هذه الآية إما متعلقة بما سبق، فتكون متممة للكلام عن المسيح والتكذيب المذكور في قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) فعلق الله على ذلك بقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ) يعني: يدعوه المسيح إلى الإسلام، وقرئت: (وهو يدّعي إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين).
وإما أنها استئناف لكلام جديد، وهي طليعة لما يأتي من قوله: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ [الصف: ٨] إلى آخره.
قال: وهذه الآية إما مستأنفة لتحقيق رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون طليعة للآيات بعدها، وإما متممة لما قبلها لتقبيح ما بهت به الإسرائيليون عيسى عليه السلام، مع الإشارة بعمومها إلى ذم كل من كان على شاكلتهم، ولا يقال: (الإسلام) يؤيد الأول من القولين، فالإسلام دين محمد عليه الصلاة والسلام؛ لأن جميع الأنبياء دعوا إلى دين واحد وهو الإسلام؛ فالإسلام هو عنوان الملة الحنيفية، فالمراد به هنا معناه اللغوي، وقد جاء ذلك في آيات شتى.
قوله: ﴿وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ أي: الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بما أنزل من الحق.