تفسير قوله تعالى: (فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون)
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ [القلم: ٢٦ - ٢٧].
لما رأوها محترقة لا شيء فيها قد صارت كالليل الأسود، ينظرون إليها كالرماد، أنكروها وشكوا فيها، فقالوا: إنا لضالون، أي: إننا نمشي في الظلام وقد ضللنا الطريق، فنحن نمشي إلى مكان آخر غير مكان جنتنا وبستاننا.
وقيل: إنا لضالون عن الصواب في غدونا على نية منع المساكين، فلذلك عوقبنا.
﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ أي: حرمنا جنتنا بما صنعنا.
إذاً هذا يدل على أن النية قد تحرم الرزق وتحول دون الإنسان ودون الرزق.
يقول القاسمي رحمه الله تعالى: ﴿فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ﴾ [القلم: ٢٣ - ٢٥] أي: غدوا إلى جنتهم على مفر وسرعة وجد من أمرهم، أو على منع وغضب، قادرين في زعمهم على ما أصروا عليه من الصرام وحرمان المساكين.
﴿فَلَمَّا رَأَوْهَا﴾، أي: فلما صاروا إليها ورأوها محترقاً حرثها.
﴿قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ أي: أنكروها وشكوا فيها هل هي جنتهم أم لا، فقال بعضهم لأصحابه ظناً منه أنهم قد أخطئوا طريق جنتهم وأن التي رأوها غيرها: إنا -أيها القوم- لضالون طريق جنتنا.
فقال من علم أنها جنتهم وأنهم لم يخطئوا الطريق: بل نحن -أيها القوم- محرومون، حرمنا منفعة جنتنا بذهاب حرثها.