أقوال السلف في معنى (فذرني ومن يكذب بهذا الحديث)
قوله تعالى: (فذرني) أي: دعني (ومن يكذب بهذا الحديث) يعني القرآن الكريم، أو يوم القيامة.
وهذه تسلية للنبي ﷺ وبيان أن الله تعالى هو الذي سوف يجازيهم وينتقم منهم ((سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ)) أي: سنأخذهم على غفلتهم وهم لا يعرفون، فأخذوا يوم بدر.
وقال سفيان الثوري: نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر.
وقال الحسن: كم من مستدرج بالإحسان إليه، وكم من مفتون بالثناء عليه، وكم من مغرور بالستر عليه.
وقال أبو روق: أي: كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار.
وقال ابن عباس: سنمكر بهم.
وقيل: هو أن نأخذهم قليلاً ولا نباغتهم.
وفي أثر إسرائيلي أن رجلاً من بني إسرائيل قال: كم أعصيك وأنت لا تعاقبني! فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له: كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر، إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت! والاستدراج ترك المعاجلة، وأصله النقل من حال إلى حال، كالتدرج، ومنه قيل: درجة.
وهي منزلة بعد منزلة، واستدرج فلان فلاناً أي: استخرج ما عنده قليلاً قليلاً.
ويقال: درجه إلى كذا واستدرجه بمعنى أدناه منه على التدريج.
(وأملي لهم) أي: أمهلهم وأطيل لهم المدة، والملاوة: المدة من الدهر، وأملى الله له أي: أطال له، والملوان الليل والنهار.
وقيل: (أملي لهم) أي: لا أعاجلهم بالموت (إن كيدي متين) أي: إن عذابي لقوي شديد، فلا يفوتني أحد.


الصفحة التالية
Icon