تفسير قوله تعالى: (ولما بروزا لجالوت وجنوده)
ثم قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٠] أي: ظهروا لقتالهم وتصافوا يعني: وقفوا صفوفاً ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا﴾ [البقرة: ٢٥٠] أفرغ أي: أصبب ﴿عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾ [البقرة: ٢٥٠] بتقوية قلوبنا على الجهاد، ﴿وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٥٠ - ٢٥١] أي: كسروهم بإذن الله وبإرادته: ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ﴾ داود كان في عسكر طالوت، وهذا خير دليل على أن داود بعد موسى عليه السلام؛ لأن في صدر القصة ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى)) قال الله: ﴿وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ﴾ [البقرة: ٢٥١] الهاء تعود إلى داود عليه السلام ((وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ)) آتاه الله الملك في بني إسرائيل، (والحكمة) أي: النبوة بعد موت شمويل وطالوت، ولم يجتمعا لأحد قبله أي: الملك والنبوة لم يجتمعا معاً لأحد قبل داود عليه السلام.
﴿وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٥١] كصنعة الدروع.
﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: ٢٥١] هذا بدل بعض من الناس ﴿لَفَسَدَتِ الأَرْضُ﴾ [البقرة: ٢٥١] بغلبة المشركين، وقتل المسلمين، وتخريب المساجد ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ٢٥١] وسنة التدافع من سنن الله سبحانه وتعالى، يدفع الناس بعضهم ببعض؛ كي لا تفسد الأرض.


الصفحة التالية
Icon