تفسير قوله تعالى: (فليس له اليوم هاهنا حميم لا يأكله إلا الخاطئون)
﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ [الحاقة: ٣٥ - ٣٧].
قال عز وجل: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾ [الحاقة: ٣٥] يعني: قريب تأخذه الحمية له.
قوله تعالى: ﴿وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ [الحاقة: ٣٦] الغسلين هو غسالة أهل النار وصديدهم.
قال ابن جرير: كان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: كل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين، (فِعْلِين) من الغسل من الجراح والدبر، وزيد فيه الياء والنون بمنزلة عفرين.
إذاً: الغسلين يعبر عنه بما يخرج من عصارة وغسالة وصديد أهل النار، والعياذ بالله.
قوله تعالى: ﴿لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾ [الحاقة: ٣٧] أي: الآثمون أصحاب الخطايا، يقال: خَطِئ الرجل إذا تعمد الخطأ، وهناك فرق بين خاطئ ومخطئ، خاطئ يعني: آثم يتعمد الخطأ، لكن المخطئ قد يكون غير متعمد الخطأ، يقول عليه الصلاة والسلام: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان)، ويقول الله تبارك وتعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].
قال الرازي: قوله: ((وَلا طَعَامٌ)) الطعام ما هيئ للأكل، فلما هيئ الصديد ليأكله أهل النار كان طعاماً لهم، ويجوز أن يكون المعنى أن ذلك أقيم مقام الطعام فسمي طعاماً، كما قال الشاعر: وخيل قد جنحت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع يعني: لما قام الضرب مقام التحية أطلق عليه تحية، وقوله: (ضرب وجيع) أي: ضرب مؤلم.