تفسير قوله تعالى: (سأصليه سقر عليها تسعة عشر)
قال تعالى: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ [المدثر: ٢٦ - ٣٠].
﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾، أي: جهنم، وهو بدل اشتمال من قوله تعالى: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾ [المدثر: ١٧].
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ﴾ قال الزمخشري: أي: لا تبقي شيئاً يلقى فيها إلا أهلكته، وإذا هلك لم تذره هالكاً حتى يعاد، أو: لا تبقي على شيء ولا تدعه من الهلاك، بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة.
﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾، أي: محرقة للجلود، من قولك: لوحته الشمس إذا سودت ظاهره فإن الجلد يتأثر بالشمس فيسود لونه فيقال: لوحته الشمس، يعني: سودت ظاهره وأطرافه، فمعنى قوله: ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾ [المدثر: ٢٩]، يعني: محرقة للجلود؛ لأن قوله تبارك وتعالى هنا: البشر، جمع بشرة، وهي ظاهر الجلد.
أو أن البشر اسم جنس بمعنى الناس، فيكون قوله: ﴿لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ﴾، يعني: محرقة للناس.
﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾، أي: من الخزنة المتولين أمرها، والتخالف على أهلها، وفيه إشارة إلى أن زبانية العذاب الأخروي تفوق زبانية الجبابرة في الدنيا أضعافاً مضاعفة، تنبيهاً على عظم العذاب وكبر مكانه.