تفسير قوله تعالى: (وفتحت السماء فكانت سراباً)
قال تعالى: ﴿وَفُتِحَتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً﴾ [النبأ: ١٩ - ٢٠].
وقرئ (وفتِّحت السماء) بتشديد التاء على المبالغة.
قال ابن جرير: أي: وشققت السماء وصدعت فكانت طرقاً، بعد أن كانت شداداً لا فطور فيها ولا صدوع، أما في يوم القيامة فإنها تتشقق ويحصل فيها هذه الفطور كما قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً﴾ [الفرقان: ٢٥] فهذا الفتح هو المذكور في قوله: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ﴾ [الانشقاق: ١]، ﴿إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ﴾ [الانفطار: ١]، بالفتح والتشقق والتفطر، وهذا كما قال ابن جرير: مثل للغاية.
﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ أي: نزعت بكاملها في الهواء، وذلك إنما يكون بعد تفتيتها وجعلها أجزاء مفرقة كالهباء، وفي الآية تشبيه بليغ، والجامع أن كلاً منهما يرى على شكل شيء وليس هو به، فالسراب يرى كأنه بحر وليس كذلك، والجبال إذا فتت وارتفعت في الهواء ترى كأنها جبال وليست بجبال، بل غبار غليظ متراكم يرى من بعيد كأنه جبل، وقال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً﴾ [طه: ١٠٥] * ﴿فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً * لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً﴾ [طه: ١٠٦ - ١٠٧] فقال تعالى: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٨٨].


الصفحة التالية
Icon