تفسير قوله تعالى: (وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت)
﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾ أي: فتح بعضها إلى بعض؛ لزلزلة الأرض وارتجاجها.
﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾ أي: قلب ترابها وأخرج موتاها، وأصل البعثرة من بعثر التراب أي: بدله، وهو إنما يكون لإخراج شيء تحته؛ لأن الإنسان إنما يحفر في الأرض من أجل أن يبحث على حاجة تحت التراب.
وقد يراد به البعث والإخراج يوم القيامة من القبور التي دفنوا فيها أحياء.
قال بعض أئمة اللغة كـ الزمخشري وغيره: إن كلمة بعثر مركبة من كلمتين: البعث، والبحث، لكن دمجت الكلمتان اختصاراً، ومثله كثير في لغة العرب، وهذا يسمى بالنحت، مثلما تقول: بسمل، أي: قل: بسم الرحمن الرحيم، وكذلك تقول: حوقل، أي: قل: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فعلى هذا يكون معنى (بعثرت) النبش والإخراج معاً.
(علمت نفس ما قدمت) أي: لذلك اليوم من عمل صالح أو سيء.
(وأخرت) أي: تركت من خير أو شر.
أو: علمت نفس ما قدمت من عمل خير لم تقصر فيه.
(وما أخرت) أي: ما قصرت فيه.
فالمراد بالعلم بالتقديم والتأخير وجدان الجزاء عليهما؛ لأن (علمت نفس) يعني: وجدت الجزاء عليهما، وتحقق مصداق الوعد عليهما.


الصفحة التالية
Icon