تفسير قوله تعالى: (بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط)
قال تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [البروج: ١٩ - ٢٠].
قوله تعالى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ﴾ أي: هم في شك وغي وكفر وعناد، وفي تكذيب بالحق والوحي مع وضوح آياته وظهور بيناته عناداً وبغياً.
والإضراب انتقالي، فقوله: (بل الذين كفروا في تكذيب) كأنه قيل: ليس حال فرعون وثمود بأعجب من حال قومك، فإنهم مع علمهم بما حل بهم لم ينزجروا.
وفي قوله: (بل الذين كفروا في تكذيب) إشارة إلى أنهم كانوا غارقين في التكذيب مهووسين متمسكين به، وقيل: إنه إشارة إلى تمكنه من أنفسهم، وأنه أحاط بهم إحاطة الظرف بمظروفه أو البحر بغريقة، مع ما في تنكيره من الدلالة على تعظيمه وتهويله.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ أي: قادر عليهم قاهر ظاهر لا يفوتونه ولا يعجزونه، أو المعنى: محص عليهم أعمالهم لا يخفى عليه منها شيء، وهو مجازيهم على جميعها، فهم في قبضته وحوزته كالمحاط إذا أحيط به من ورائه، فسد عليه مسلكه فلا يجد مهرباً.
وفيه تعريض لهم بأنهم نبذوا الله وراء ظهورهم، وأقبلوا على الهوى والشهوات، والله من ورائهم محيط.