تفسير قوله تعالى: (وشاهد ومشهود)
قال عز وجل: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ [البروج: ٣].
يقول القاسمي: الشاهد هو كل ما له حس يشهد به، والمشهود: هو كل محس يشهد بالحس، فيدخل فيه العوالم المشهودة كلها.
وتخصيص بعض المفسرين بعضاً مما يتناوله لفظهما لعله الأهم أو الأولى أو الأعرف والأظهر لقرينة عنده، وإلا فاللفظ على عمومه حتى يقوم برهان على تخصيصه.
قوله: (وشاهد ومشهود) اختلف المفسرون في ذلك، ومن ذلك ما حكاه ابن كثير رحمه الله تعالى أن الشاهد هو يوم الجمعة وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه، ولا يستعيذ فيها من شر إلا أعاذه.
قوله: (وَمَشْهُودٍ) هو يوم عرفة، والحديث الوارد في هذا ضعيف، ثم ذكر جملة من الأحاديث مما ذكرنا.
وعن ابن عباس قال: الشاهد هو محمد صلى الله عليه وسلم، والمشهود يوم القيامة، ثم قرأ ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود: ١٠٣].
يعني: يوم القيامة.
وسأل رجل الحسن بن علي عن قوله: (وشاهد ومشهود) قال: سألت أحداً قبلي؟ قال: نعم.
سألت ابن عمر وابن الزبير فقالا: يوم النحر ويوم الجمعة، فقال: لا، ولكن الشاهد محمد ﷺ ثم قرأ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] والمشهود: يوم القيامة، ثم قرأ: ﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ [هود: ١٠٣].
وقال الضحاك وغيره: الشاهد: ابن آدم، والمشهود: يوم القيامة.
وعن عكرمة: الشاهد: محمد صلى الله عليه وسلم، والمشهود: يوم الجمعة.
وعن ابن عباس: الشاهد: الله، والمشهود: يوم القيامة.
وعنه أيضاً: (وشاهد ومشهود) قال: الشاهد: الإنسان، والمشهود: يوم الجمعة.
وعن سعيد بن جبير: الشاهد: الله، وتلا: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٧٩]، والمشهود: نحن.
ثم قال ابن كثير: والأكثرون على أن الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة.
وقد ذكر القاسمي كلاماً قوياً، وهو: أن الشاهد هو كل ما له حس يشهد به، والمشهود هو كل مُحَس يُشهد بالحس، فيدخل فيه العوالم المشهودة كلها، وتخصيص بعض المفسرين بعضاً مما يتناوله لفظهما؛ لعله الأهم أو الأولى أو الأعرف والأظهر لقرينة عنده، وإلا فاللفظ على عمومه حتى يقوم برهان على تخصيصه.