تفسير قوله تعالى: (فذكر إن نفعت الذكرى)
قال عز وجل: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ [الأعلى: ٩].
قوله: ((فذكر)) أي: ذكر العباد بعظمة الله عز وجل وعظهم وحذرهم عقوبته.
قوله: ((إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى)) (إن) هنا بمعنى: إذ، أي: فذكر إذ نفعت الذكرى، كقوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥]، وكقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] أي: وأنتم الأعلون إذ كنتم مؤمنين.
أو (إن) بمعنى: قد على ما قاله ابن خالويه.
وقيل: (إن) هنا صرفية، والمعنى: ذم المُذَكَّرِينَ واستبعاد تأثير الذكرى فيهم بسبب الطبع على قلوبهم.
يعني: أنت مطالب بالبلاغ والبيان فقط! لأن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ﴾ [المائدة: ٩٩]، أما هداية القلوب فلا يملكها إلا الله سبحانه وتعالى.
إذاً: قوله: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ ممكن أن تفهم في ضوء الآية الأخرى التي في سورة الذاريات: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: ٥٥] يعني: إذا كان ذكراً نافعاً فيجب عليك أن تذكر به، وهذا التذكير لن ينتفع به إلا المؤمنون، أما الكافرون المعرضون فعليك إبلاغهم بالحق، سواء انتفعوا أم لم ينتفعوا به.


الصفحة التالية
Icon