تفسير قوله تعالى: (والليل إذا يغشى وما خلق الذكر والأنثى)
سورة الليل سورة مكية، وآياتها إحدى وعشرون آية، وقد تقدم قول النبي ﷺ لـ معاذ (هلا صليت بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، (والشمس وضحاها)، (والليل إذا يغشى)).
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ [الليل: ١ - ٣].
قوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ أي: يغشى الشمس أو يغشى النهار بظلمته، فيذهب بذاك الضياء.
قوله: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ أي: إذا ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين بطلوع الشمس.
والتعبير في الغشيان بالمضارع (يغشى) وفي النهار بالماضي (تجلى) لقلة أوقات الظلمة، أما النور فهو أسمى مظاهر الوجود حتى عبر به عن الوجود نفسه.
قوله: ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى﴾ أي: ومن خلق الذكر والأنثى، فـ (ما) موصولة، (وما خلق) أي: والذي خلق الذكر والأنثى من كل نوع له توالد.
وإنما أقسم الله بذاته بهذا اللفظ (وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى) ولم يقل: والله؛ لما فيه من الإشعار بصفة العلم المحيط بدقائق المادة، والإشارة إلى الإبداع في الخلق عند التفريق بين الذكر والأنثى، وأن خلقهما لا يحصل بمحض الاتفاق من طبيعة لا شعور لها فيما تفعل كما يزعم بعض الجاهلين، فإن الأجزاء الأصلية في المادة متساوية، فتكوين الجنين من عناصر واحدة وجعله تارة ذكر وتارة أنثى دليل على أن واضع هذا النظام عالم بما يفعل، محكم لما يصنع.