تفسير النخعي وابن قتيبة لقوله تعالى: (فلهم أجر غير ممنون)
يقول النخعي رحمه الله تعالى: إذا بلغ المؤمن من الكبر ما يعجز عن العمل، كُتب له ما كان يعمل، وهو قوله تعالى: ((فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)).
وقال ابن قتيبة: ((إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) يعني: إلا الذين آمنوا في وقت القدرة والقوة، فإنهم حال الكبر غير منقوصين وإن عجزوا عن الطاعات؛ لأن الله تعالى علم أنه لو لم يسلبهم القوة لم ينقطعوا عن أفعال الخير، فهو يجري لهم أجر ذلك.
فكأن الله من رحمته يثيبه على النية، مثلما يحصل في سبب خلود أهل النار وخلود أهل الجنة، فإن الخلود للنية، مع أن الكافر يكفر لفترة سنوات محدودة، والمؤمن يؤمن ويطيع الله لمدة محدودة، وله مقابل إيمانه وعمله الخلود في الجنة؛ لأن المؤمن ينوي أن يستقيم على طاعة الله مهما امتدّ به العمر، ولو عاش للأبد سيظل مستقيماً على طاعة الله، مؤديا ًحق الله، والكافر مُصرّ على الكفر إلى آخر ما أمكنه، فعامل الله هذا بنيته وذاك بنيته.
فكذلك المؤمن في حياته، ما دام ينوي الاستقامة على الطاعة، ثم حيل بينه وبينها بمرض أو عذر، كما في هذه الأحوال التي ذكرنا، فإنه لا ينقطع أجره، بل يستمر وكأنه يعمل نفس الأعمال التي كان يعملها قبل هذه الشيخوخة.


الصفحة التالية
Icon