وجه حمل لفظ كتاب الله في الآية على التوراة
ومن المفسرين من حمل قوله تعالى: ((يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ))، لا على القرآن فقط كما ذكرنا وإنما حملوه على التوراة أيضاً، حيث أشاروا إلى أن هذا إشارة إلى قصة تحاكم اليهود إلى النبي ﷺ لما زنى منهم اثنان، فحكم عليهما النبي ﷺ بالرجم فأبوا وقالوا: لا نجد في كتابنا إلا التعزير.
يعني: تسويد وجوههم فأمرهم ﷺ أن يأتوا بالتوراة فوجد فيها الرجم فرجما، فغضبوا فشنع عليهم بهذه الآية: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ))، المقصود بهذا التفسير به أيضاً التوراة، (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ).
هذه القصة مروية في البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن اليهود جاءوا إلى النبي ﷺ برجل منهم وامرأة قد زنيا فقال لهم: كيف تفعلون بمن زنى منكم؟ قالوا: نحممهما ونضربهما، فقال: لا تجدون في التوراة الرجم؟ فقالوا: لا نجد فيها شيئاً، فقال لهم عبد الله بن سلام كذبتم ((فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) [آل عمران: ٩٣]، فوضع الذي كان يقرؤها منهم إصبعه على آية الرجم، فطفق يقرأ دونها وما وراءها، فنزع الرسول عليه الصلاة والسلام يده عن آية الرجم فقال: ما هذه؟ فلما رأوا ذلك قالوا: هي آية الرجم، فأمر بهما ﷺ فرجما قريباً من حيث موضع الجنائز عند المسجد، يقول ابن عمر: فرأيت صاحبها يجنأ عليها يقيها الحجارة).


الصفحة التالية
Icon