تفسير قوله تعالى: (ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات)
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [آل عمران: ٢٤].
((ذَلِكَ)) يعني ذلك التولي وذلك الإعراض.
((بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ)) الباء هنا سببية يعني: بسبب تسهيلهم أمر العقاب على أنفسهم، فهم غروا أنفسهم وخدعوا أنفسهم لما دعوا إلى كتاب تبارك وتعالى ليحكم بينهم، ((ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ)) أي: هم يعلمون أنهم آثمون، وأنهم عاصون، لكنهم يغرون أنفسهم ويقولون: حتى لو عذبنا بسبب هذه الأشياء فنحن لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات.
((وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)) أي: من الكذب والقول الباطل من أنهم لن يعذبوا إلا أياماً معدودات، وفي التعبير بالغرور والافتراء إعلام بأن ما حدثوا به أنفسهم وسهلوه عليها تعلل بباطل، كما مر نظير ذلك في قوله تبارك وتعالى في أوائل سورة البقرة: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة: ٧٨]، أي: يمنون أنفسهم بهذه الأماني، على ما يقوله لهم أحبارهم من هذه الأماني الكاذبة.


الصفحة التالية
Icon