تفسير قوله تعالى: (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله)
﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٥].
((وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ)) أي: بقضاء الله تبارك وتعالى.
((كِتَابًا)) أي: كتب ذلك كتاباً.
((مُؤَجَّلًا)) أي: مؤقتاً لا يتقدم ولا يتأخر، فلم انهزمتم والهزيمة لا تدفع الموت والثبات لا يقطع الحياة؟! فالموت إذا كان مكتوباً لإنسان بسبب معين وبأجل معين فلابد أن يأتي، هذه عقيدة راسخة لا شك فيها على الإطلاق، ولذلك قال الشاعر: أي يومي من الموت أفر يوم لا قدر أو يوم قدر يوم لا قدر لا أرهبه ومن المقدور لا ينجو الحذر فلذلك نلاحظ في آيات الجهاد عموماً كيف أن الله سبحانه وتعالى يؤكد على هذين الأمرين اللذين هما سبب نكوص كثير من الناس عن الجهاد: خوف انقطاع الرزق، أو خوف حضور الأجل، فبين الله تبارك وتعالى كما في هذه الآيات أن الأجل مكتوب، ولن يتقدم ولن يتأخر.
يقول الصديق رضي الله عنه: (احرص على الموت توهب لك الحياة).
وقال أبي سليمان خالد بن الوليد رضي لله تعالى عنه حينما مات على فراشه: (ما في جسدي موضع إلا وفيه طعنة برمح أو ضربة بسيف، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء).
((وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا)) أي: من يرد بعمله جزاءه من الدنيا ((نُؤْتِهِ مِنْهَا)) هذا تعريض لمن حضر الجهاد طلباً للغنائم فقط، أي: نؤته ما قسم له ولا حظ له في الآخرة.
((وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا)) أي: من ثوابها، ((وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)).