تفسير قوله تعالى: (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل)
﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: ١٧٤].
((فَانْقَلَبُوا)) أي: رجعوا من حمراء الأسد.
((بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ)) أي: رجعوا بالعافية وكمال الشجاعة وزيادة الإيمان والتصلب في الدين.
((لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)) أي: لم يصبهم قتل ولا جراح، مع أنهم كانوا مستعدين للجهاد.
((وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ)) بطاعته وطاعة رسوله بخروجهم.
((وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)) وفيه تحذير للمتخلف، وتخطئة رأيه، حيث حرم نفسه مما رجعوا به.
وفي قوله تعالى: ((وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ))، استحباب هذه الكلمة عند الغم والأمور العظيمة، وهي الكلمة التي قالها المؤمنون هنا كما في هذه الآية حينما قيل لهم: ((إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ))، وهي التي قالها إبراهيم عليه السلام حينما ألقي في النار.
وهذا هو الراجح في هذه الآية أن تحمل على غزوة حمراء الأسد، وهي التي تسمى: غزوة بدر الصغرى، أو غزوة بدر الثانية.
روى ابن جرير: أنه لما عمد رسول الله ﷺ لموعد أبي سفيان فجعلوا يلقون المشركين فيسألونهم عن قريش، فيقولون: قد جمعوا لكم، يريدون أن يكيدوهم بذلك ويرعبوهم، فيقول لهم المؤمنون: حسبنا الله ونعم الوكيل، حتى قدموا بدراً فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد، وتخلف المشركون ولم يحضروا الموعد المتفق عليه.
((فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ))، النعمة أنهم سلموا، والفضل أن عيراً مرت في أيام الموسم فاشتراها رسول الله ﷺ فربح فيها مالاً فقسمه بين أصحابه.
يقول ابن كثير: والصحيح أن الآية نزلت في شأن غزوة حمراء الأسد.


الصفحة التالية
Icon