تفسير قوله تعالى: (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٨].
الناس هنا المقصود بهم المنافقون، وكلمة الناس أصلها: أناس، لكن حذفت الهمزة تخفيفاً، وإذا دخلت (أل) على كلمة أناس فإنه يلزم أن تحذف هذه الهمزة، فلا يقال: الأناس، ولكن يقال: الناس، فحذف الهمزة مع لام التعريف كاللازم.
وسموا ناساً لظهورهم، ولأنهم من المخلوقات التي يؤنس بها؛ بعكس الجن، فإنهم سموا جناً لاجتنانهم واختفائهم، ومادة (جن) تأتي في كل ما خفي، يقول عز وجل: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ [الأنعام: ٧٦]، والجنين في بطن أمه مستتر، والمجنون هو من غاب عقله واستتر؛ والجنة غائبة عنا لا ترى الآن.
إذاً الجن سموا بالجن لاجتنانهم، والإنس سموا إنساً؛ لأنهم يؤنسون ويشاهدون.
وقيل: سموا إنساً من الأُنس، وهو ضد الوحشة، والقول الأول أولى.
قوله تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ)) يعني: يوم القيامة؛ لأنه آخر الأيام.
قوله: ((وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)) جمع المؤمنين مراعاة لمعنى كلمة (مَنْ) في قوله: (ومن الناس من يقول) وأفرد الفعل (يقول) مراعاة للفظ (من).