تابع تفسير قوله تعالى: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً)
قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾ [النساء: ١٠٣] قوله: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ﴾ يعني: إذا أتممتم الصلاة، دون صلاة الخوف على ما فسر.
﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ أي: فداوموا على ذكره تعالى في جميع الأحوال، فإن ما أنتم عليه من الخوف والحذر مع العدو جدير بالمواظبة على ذكر الله والتضرع إليه.
أمر تعالى بكثرة الذكر عقيب صلاة الخوف، وإن كان مشروعاً بعد غيرها، يعني: أن ذكر الله يكون بعد صلاة الخوف آكد، لما وقع فيها من التخفيف في أركانها، ومن الرخصة في الذهاب فيها والإياب وغير ذلك مما ليس يوجد في غيرها، كما قال تعالى في الأشهر الحرم: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦]، فهل ظلم النفس بالمعاصي مباح فيما عدا الأشهر الحرم؟ لا، بل هو محرم، لكن هنا آكدية بحرمة ذلك الزمان، كذلك في هذه الحالة المسلمون حاجتهم إلى الذكر أوكد.
﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ﴾ أي: سكنت قلوبكم بالأمن وذهب عنكم الخوف.
﴿فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ أي: على الحالة التي كنتم تعرفونها فلا تغيروا شيئاً من هيئتها.
﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ أي: فرضاً مؤقتاً، لا يجوز إخراجها عن أوقاتها.


الصفحة التالية
Icon