تفسير قوله تعالى: (يا أيها الناس اعبدوا الله ربكم)
هنا التفات في أسلوب الخطاب حيث إن الله سبحانه وتعالى التفت مباشرة في خطابه إلى الناس أجمعين آمراً إياهم بأول صيغة أمر تأتي في القرآن، وهي قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ٢١].
قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ يعني: كل المكلفين سواء منهم المؤمنون أو الكافرون، فكلهم مخاطبون.
قوله: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ أي: وحدوا ربكم، كقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] يعني: يعبدونني وحدي؛ فكذلك هنا: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ يعني: اعبدوا ربكم وحده ولا تشركوا به شيئاً.
قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ يعني: أنشأكم ولم تكونوا شيئاً، والذي أنعم عليكم بنعمة الوجود بعد العدم.
قوله: ﴿وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ يعني: وخلق الذين من قبلكم.
قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ يعني: لعلكم تتقون بعبادته عقابه وعذابه، و (لعل) أصلها في اللغة للترجي، لكنها في كلام الله سبحانه وتعالى لتحقيق الوقوع.