تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة)
وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٣٥].
قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا) أي: اطلبوا إليه الوسيلة، وهي القربة.
وقال قتادة: أي: تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.
وقرأ أبو زيد: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ [الإسراء: ٥٧].
قال ابن كثير: وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه.
وفي القاموس وشرحه: الوسيلة والواسلة المنزلة عند الملك، والدرجة والقربة والوصلة.
وقال الجوهري: الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير، والتوسيل والتوسل واحد، يقال: وسل إلى الله تعالى توسيلا، عمل عملاً فقرب به إليه، كـ (توسل).
وقد قدم (إليه) على (الوسيلة) فلم يقل: وابتغوا الوسيلة إليه، لكن قال: (وابتغوا إليه الوسيلة) للاهتمام بها.
وقوله تعالى: (وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون) يعني: بسبب المجاهدة في سبيله.
وقد بينت كثير من الآيات أن المجاهدة بالأموال والأنفس، وما ذكرنا في تفسير الوسيلة هو المعول عليه، وقد أوضحه إيضاحاً لا مزيد عليه تقي الدين ابن تيمية عليه الرحمة في كتابه (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة) فرأينا نقل شيء منه؛ إذ لا غنى للمحقق في علم التفسير عنه، وسوف نمر بسرعة على بعض المسائل لأهميتها.