تفسير قوله تعالى: (وحسبوا ألا تكون فتنة)
قال تبارك وتعالى: ﴿وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ٧١].
قوله تعالى: (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) حسبوا أي: ظنوا (أن لا تكون) ويمكن أن تقرأ (أن لا تكونُ) و (أن لا تكونَ)، فعلى الرفع تكون (أن) مخففة، وعلى النصب تكون ناصبة، والمعنى: خافوا (أن لا تكون فتنة) يعني: عذاب لهم على تكذيب الرسل وقتلهم.
(فَعَمُوا) يعني: عموا عن الحق فلم يبصروه (وَصَمُّوا) أي: عن استماعه (ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) لما تابوا (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا) ثانية (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) وهذا بدل من الضمير (وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) يعني: فيجازيهم تبارك وتعالى به.
ويلاحظ هنا أن الله سبحانه وتعالى قال: ((وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا)) فأضاف العمى والصمم إليهم، أما التوبة فلم يضفها إليهم، ففيه دلالة على أنهم لا يستحقون أن يضاف الخير إليهم، فقال عز وجل: ((ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)) لم يقل: (ثم تابوا) وإنما قال: ((ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)) يعني: بما عملوا.