تفسير قوله تعالى: (ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدىً ورحمة لقوم يؤمنون)
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ٥٢] ولما أخبر تعالى عن خسارتهم في الآخرة ذكر أنه أزاح عللهم في الدنيا، بإرسال الرسل وإنزال الكتب، وأن الحجة قامت عليهم، ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ [الزخرف: ٧٦]، فذكر أن سبب هذا الشقاء هو من عند أنفسهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى أقام الحجة عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب، يقول تعالى: ((وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ)) أي: بينا فيه الاعتقادات والأحكام والأمور الأخروية تفصيلاً مبيناً.
(على علم) أي: عالمين كيف نفصل أحكامه ومواعظه وقصصه وسائر معانيه، حتى جاء محكماً قيماً غير ذي عوج، هذا كقوله تعالى: ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ [النساء: ١٦٦].
(هدى) أي: دلالة ترشدهم إلى الحق وتنجيهم من الضلالة.
(ورحمة) أي: ينجيهم من العذاب لما فيه من الدلائل ورفع الشبه.
(لقوم يؤمنون): لأن المؤمنين هم المغتنمون لفوائده.