تفسير قوله تعالى: (فأنجيناه والذين معه)
قال تعالى: ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ٧٢] أي: ممن آمن به على خرق العادة ((بِرَحْمَةٍ مِنَّا)) ليدل على رحمتنا عليهم في الآخرة كما رحمناهم في الدنيا، فإنهم يرجون ويؤملون في أن يرحمهم الله أيضاً من عذاب الآخرة.
((وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ)) أي: استأصلناهم، فقطع الدابر كناية عن الاستئصال وإهلاك الجميع، لأن المعتاد في الآفة إذا أصابت الآخر أن تمر على غيره، فإذا أردت أن تأتي بكلام يثبت أنهم كلهم قد هلكوا ولم ينج منهم أحد، فإنك تأتي بالأول فالثاني وهكذا، فإذا قلت: أهلكت آخرهم، فهذا تعبير يبين أنهم جميعاً قد هلكوا واستؤصلوا، والدابر بمعنى الآخر.
((الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ)) يعني: كذبوا ولم يؤمنوا.
قال الزمخشري: فإن قلت: ما فائدة نفي الإيمان عنهم في قوله: ((وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ)) مع إثبات التكذيب بآيات الله؟ قلت: هو تعريض بمن آمن منهم كـ مرثد بن سعد ومن نجا مع هود عليه السلام، يعني كأنه قال: وقطعنا دابر الذين كذبوا منهم، ولم يكونوا مثل من آمن منهم، ليؤذن أن الهلاك خص المكذبين ونجى الله المؤمنين، وفي هذا إشارة إلى حسن عاقبة المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon