قيام الحجة على كل من سمع بمحمد صلى الله عليه وسلم
فالشاهد أنهم لا يفقهون، وقد أعطاهم الله العقول كي يهتدوا بها إلى التوحيد فاستعملوها في كل شيء إلا الشيء الذي خلقوا له، وأنا أطيل في هذا لأن هناك من يقول: إن اليهود أو النصارى بمجرد أن يسمع أن محمداً قد بعث وأن القرآن قد نزل، وأنه يوجد دين اسمه الإسلام تكون الحجة قامت عليه، وأقول: نعم، تكون الحجة قد قامت عليه؛ لأنه لو أراد البحث عن الحق لما وجد هناك عائقاً أمامه؛ فالقرآن موجود، ولو بذل عشر معشار الجهد الذي يبذله في أمور الدنيا وتتبع المباريات والأغاني وموديلات السيارات ومتاع الدنيا لاهتدى إلى الحق، لكنه هو الذي عطل هذه القوى وهذه القدرات التي آتاه الله سبحانه وتعالى إياها، فهو مسئول، والعقل موجود، والآيات موجودة، والقرآن موجود، والحجة قائمة، والحق أقرب إلى أحدهم من عنق راحلته، فلا غرابة بعد ذلك أن نسمع قول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يقول: (والذي نفسي بيده! لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار).
وقوله تعالى: ((فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ)) أي: الذي نبئ بما يرشد الخلائق كلهم مع كونه أمياً، وفي نعته بذلك زيادة تقرير أمره وتحقيق أنه المكتوب في الكتابين.
وقوله عز وجل: ((الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ)) أي: ما أنزل عليه وعلى من تقدمه من الرسل من كتبه ووحيه، ثم ختم تعالى الآية بقوله: ((وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)).


الصفحة التالية
Icon