تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)
ثم ذكر تبارك وتعالى آية من الآيات التي من المفروض أن كل واحد منا لا أقول: يعلقها على كل متر من بيته، لكن يثبتها في قلبه، ويجعلها دائماً نصب عينيه، خاصة في هذا الزمان، وهي قوله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: ٢٤].
قوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)) الاستجابة هنا بمعنى الإجابة.
أي: أجيبوا الله والرسول، وكلمة: ((إِذَا دَعَاكُمْ)) تحتم أن يكون (استجيبوا) بمعنى: أجيبوا؛ لأن من دعاك فأجبه، كما تقول: من دعاك استجب له، وعلى هذا يكون معنى قوله: (استجيبوا) يعني: أجيبوا؛ لأنها تقابل الدعاء، قال الشاعر: وداعٍ دعا يا من يجيب إلى الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب فقوله: (فلم يستجبه) يعني: لم يجبه، فمعنى الاستجابة الإجابة، والمراد بها الطاعة والامتثال، وإنما وحد الضمير في قوله تبارك وتعالى: ((إِذَا دَعَاكُمْ))، ولم يقل: إذا دعياكم أو دعواكم -أي: الله والرسول- لأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو المباشر للدعوة إلى الله تبارك وتعالى، ولأن استجابته ﷺ كاستجابته تعالى، كما قال تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء: ٨٠]، وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد، كقول تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [النساء: ٥٩].


الصفحة التالية
Icon