تفسير قوله تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله)
قال تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [التوبة: ٣٠].
قوله تبارك وتعالى: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل) هذا الجزء من هذه الآية يصح أن يكون عنواناً لبحث مستفيض جداً، وهو بيان هذه المضاهاة وتفاصيل المشابهة بين قول اليهود والنصارى في زعم الولد لله سبحانه وتعالى، وبين الذين كفروا من قبل (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل)، فإن الشخص الباحث سواء في تاريخ الأديان أو في تاريخ البشر والملل سيرى من ذلك ما لا ينقضي منه العجب.
فإذا ردت هذه العقيدة الفاسدة إلى أصلها سنجدها تعود إلى أصول وثنية ومشركة، وأن شياطين الإنس الذين حرفوا النصرانية في الدرجة الأولى ثم اليهودية، لم يكونوا مؤسسين، وإنما هم مقتدون بمن سبقهم من أهل الشرك والوثنية من قدماء المصريين، ومن ملاحدة وزنادقة الهند من البراهمة والبوذيين إلى آخره، وقد صدر كتاب اسمه: (العقائد الوثنية في الملة النصرانية)، هذا الكتاب يرجع كل ركن من أركان العقيدة النصرانية إلى أصله المقتبس منه من عقائد قدماء المصريين والبراهمة وغيرهم من الهنادكة والكفرة والمشركين في بلاد شرق آسيا خاصة الهند.
فهذه العقيدة بالفعل هي مقتبسة من نفس هذه الاعتقادات، وفيها تتحقق هذه المضاهاة التي يخبر الله سبحانه وتعالى عنها هنا في هذه الآية (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل) نفس فكرة الصلب والفداء في تكفير خطايا البشر، ونفس الآلهة التي تعرف بالصليب، ومن المعروف أن من رموز قدماء المصريين المحفورة في معابدهم علامة تشبه الصليب تماماً كانوا يمسكونها! وهذا الكتاب كنت استعرت منذ سنوات طويلة نسخة قديمة جداً منه، وهو كتاب: (العقائد الوثنية في الملة النصرانية)، لكني تعجبت من الفرق الشاسع بين الطبعتين القديمة والحديثة، فالطبعة القديمة كانت مطعمة بصور ملتقطة من الحسيات ومن الحجارة والآثار التي تثبت هذه العقائد.
أما الطبعة الحديثة فلا يوجد فيها هذه الصور، وما أدري ما هو السبب! لكن الطبعة القديمة موجودة عند أخ هنا في الإسكندرية وفيها صور الحفريات والآثار الحسية التي تثبت هذا الشبه وهذه المضاهاة الصارخة.
فعقيدة النصارى ليست عقيدة عيسى عليه السلام، وإنما هي مقتبسة من عقائد الوثنيين من قبل، وأقحمت إقحاماً في الملة النصرانية، وحرفتها من عبادة توحيد الله سبحانه وتعالى إلى صورة من صور الشرك والوثنية.