تفسير قوله تعالى: (يوم يحمى عليها في نار جهنم)
قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا﴾ [التوبة: ٣٥] أي: يوقد عليها.
﴿فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ﴾ [التوبة: ٣٥] أي: يقال لهم ضماً إلى ما هم فيه من الكي: ﴿هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ﴾ [التوبة: ٣٥] أي: أنتم كنزتموه في الدنيا؛ لتتلذذوا به، فكان سبب تعذيبكم.
﴿فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ [التوبة: ٣٥] أي: ذوقوا وبال هذا الكنز وهو ألمه وشدته بالكي.
وفي هذه الآية فوائد: الأولى: قال بعضهم في قوله تعالى: (ليأكلون أموال الناس بالباطل): فيها دلالة على تحريم الرشوة على الباطل، وقد ورد: (لعن الله الراشي والمرتشي)، وكذا تحريم أخذ العوض على فعل الواجب، وفي جواز الدفع ليتوصل إلى حقه خلاف، هل يجوز أن يدفع الإنسان مالاً؛ ليتوصل إلى حقه، إن كان لا يؤدى إليه ذلك؟ الراجح الجواز ليتوصل إلى الحق كالاستفداء.
قال الحاكم: الاستفداء هو أن يدفع مالاً لمن أخذ الأسير مقابل أن يطلق سراحه.
وقال الحاكم أيضاً: يدخل في تحريم الرشوة الأحكام والشهادات والفتاوى وأصول الدين وفروعه، وكل من حرف شيئاً لغرض الدنيا.
الثانية: في الآية كما قال ابن كثير: تحذير من علماء السوء وعباد الضلال، قال سفيان بن عيينة رحمه الله: من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى.
وفي الحديث الصحيح: (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة قالوا: اليهود النصارى؟ قال: فمن؟!).
وفي رواية (قالوا: فارس والروم؟ قال: فمن الناس إلا هؤلاء؟).
وقال ابن المبارك: وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها


الصفحة التالية
Icon