تفسير قوله تعالى: (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء)
ثم يبين تعالى شأن الدنيا وقصر مدة التمتع بها، وقرب زمان الرجوع الموعود بقوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس: ٢٤].
((إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ)) أي: امتزج به لسريانه فيه.
فهذه الباء للمصاحبة، أو هي للسببية بمعنى: اختلط بسببه حتى خالط بعضه بعضاً، والأول أظهر، أي أن الذي اختلط به نبات الأرض وامتزج به هو الماء؛ لأنه يسري في داخل النبات.
((مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ)) من الزروع والثمار والكلأ والحشيش.
((حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا)) حسنها وبهجتها.
((وَازَّيَّنَتْ)) بأصناف النبات.
((وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا)) أي: متمكنون من تحصيل حبوبها وثمارها وحظها.
((أَتَاهَا أَمْرُنَا)) أي: عذابنا ((لَيْلًا أَوْ نَهَارًا)).
((فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا)) أي: كالمحصود من أصله الذي قطع من جذره ((كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ)) كأن لم تنبت قبيل ذلك الوقت القريب.
((كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ)) أي: بالأمثلة تقريباً.
((لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) أي: في معانيها.


الصفحة التالية
Icon