تفسير قوله تعالى: (إليه مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً)
قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [يونس: ٤ - ٥].
تأتي آيات توحيد الربوبية للاستدلال بها على توحيد الألوهية، وللإلزام بتوحيد الألوهية، فقوله: ((إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا)) أي: بالموت والنشور وأنكم لا ترجعون في العاقبة إلا إليه، فاستعدوا للقائه.
((وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا)) أي: صدقاً.
ثم علل وجوب المرجع إليه بقوله سبحانه وتعالى: ((إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ)) أي: من النطفة.
((ثُمَّ يُعِيدُهُ)) أي: بعد الموت.
((لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ)) أي: بعدله، أو بعدالتهم وقيامهم على العدل في أمورهم، أو بإيمانهم؛ لأن الإيمان هو العدل القويم كما أن الشرك هو الظلم العظيم، فالمؤمن عادل لأنه وضع الإيمان في محله، والمشرك ظالم لأنه وضع الأشياء في غير محلها، وهذا القول هو الأوجه لمقابلة قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يونس: ٤].
((شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ)) أي: من ماء حار قد تناهى حره.
((وَعَذَابٌ أَلِيمٌ)) أي: وجيع يخلص ألمه إلى قلوبهم.
((بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ)) أي: بسبب كفرهم.


الصفحة التالية
Icon