تفسير قوله تعالى: (هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت)
﴿هُنَالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٣٠].
((هُنَالِكَ)) في ذلك المقام المدهش حين قطع المواصلة، وإنكار الشركاء العبادة لهم ممن عبدهم.
((تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ)) تختبر وتذوق كل نفس ما أسلفت من العمل فتعاين أثره من قبيح وحسن، ورد وقبول، كما يختبر الرجل الشيء ليتعرف حاله، وهذا كقوله تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣]، وقوله: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ [الطارق: ٩].
((وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ)) الضمير يعود على الذين أشركوا، أي: هؤلاء المشركون ردوا إلى الله المتولي جزاءهم بالعدل والقسط.
((وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)) أي: ضاع عنهم ما افتروه من اختراعاتهم وأصول دينهم ومذهبهم، وتوهماتهم الكاذبة وأمانيهم الباطلة، فلم يبق له أثر فيهم.
وفي هذه الآية توبيخ شديد للمشركين الذين عبدوا ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنهم شيئاً، ولم يأمرهم بذلك ولا رضي به ولا أراده، بل تبرأ منهم أحوج ما يكونون إلى المعونة منه.
والمشركون أنواع وأقسام، وقد ذكرهم الله تعالى في كتابه وبين أحوالهم، ورد عليهم أتم رد.


الصفحة التالية
Icon