أهمية الرياضة البدنية
((قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب)) من أحكام هذه الآية: مشروعية المسابقة، وفيه من الطب رياضة النفس والدواب، فالإنسان إذا سابق على الخيل فإن الخيل يحصل لها نوع من الرياضة وتحتاج إليها لتشتد عضلاتها، وإذا أهملت فسيحصل لها ضعف.
كذلك رياضة النفس وتمرين الأعضاء على التصرف، فالحقيقة أن جانب الرياضة من الجوانب المهمة التي قصر فيه المسلمون جداً إذا قورنوا بغيرهم من الأمم الكافرة، فهم اهتموا بجانب الرياضة وحافظوا على نعمة الصحة، بينما جهل المسلمون قيمة هذا الجانب انخداعاً بمثل قول الصوفية أحياناً: يا خادم الجسم كم تبقى لخدمته أتطلب الربح مما فيه خسران أقبل على النفس فاستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان هذا كلام قد يصح في جانب معين، لكن المسلم إذا أراد أن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر، أو يشترك في الجهاد فكيف يدافع؟! كان بعض الإخوة ممن كان عنده حماس عاطفي يذهب إلى أفغانستان، لكنه صار عبئاً على المجاهدين؛ لأنهم يصعدون الجبال الشاهقة وهو لا يستطيع، وكانوا يحملونه فوق ظهورهم! كنت أتكلم عن اهتمام الإسلام بالرياضة البدنية خاصة في مراحل نمو الجسم وبناء الجسم.
على الإنسان أن يدرك أهمية مرحلة الشباب ويهتم بصحته البدنية.
والرياضة إذا كانت بالشروط الشرعية فلا بأس بها، فالصحابة كانوا يهتمون بالرياضة البدنية، فقد كانوا يجيدون ركوب الخيل، ومعلوم الجهد العضلي الذي كان يبذل للتحكم في الخيل والفرس، فسلموا من أمراض كثيرة من آفات الجلوس الطويل على المقاعد أو على المكاتب، وهذا الرسول عليه الصلاة والسلام تصارع مع ركانة فصرعه الرسول عليه الصلاة والسلام، ولما قال: (خير الصيام صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) ومع ذلك كان داود إذا قام للأعداء يصمد أمامهم ويغلبهم ولا يفر عند ملاقاتهم.
كذلك قوله: (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه) فالشاهد: أنه لابد من الاهتمام بالرياضة البدنية والصحة البدنية؛ لأن هذا رصيد ينفع الإنسان في المستقبل إذا احتاج دفاعاً عن النفس، حتى في الصلاة قد يصل الإنسان به الضعف أن يتعب من السجود والركوع ولا يقوى على العبادة.
فإذاً الاهتمام بالبدن داخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: (احرص على ما ينفعك) لأن الغالب في الدنيا أن الأحكام حسية.
ورأس مالك أيها الإنسان الصحة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ) فحافظ على صحتك ولا تتركها؛ لأنها من أعظم النعم، ومما يحفظ الصحة الاهتمام بالرياضة بالشروط المعروفة بحيث لا يذهب ليمارس الرياضة في أماكن الاختلاط مثلاً ولا أماكن الفساد، ولكن يجتهد في إيجاد مكان مع إخوانه الصالحين لممارسة الرياضة التي بها يحفظ صحته.
إذاً: من فوائد هذه القصة: مشروعية المسابقة، قال بعض اليمانيين: اللعب إن كان بين الصغار جاز بما لا مفسدة فيه، ولا تشبه بالفسقة، وأما بين الكبار فهو ثلاثة أقسام: الأول: أن يكون في معنى القمار فلا يجوز.
الثاني: ألا يكون في معناه وفيه استعانة وحث على القوة والجهاد كالمناضلة بالقسي والمسابقة على الخيل فذلك جائز مطلقاً، فكل رياضة أعانت على تقوية البدن أو على الرماية أو على الجهاد فهذا مما يدل عليه قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٦٠].
الثالث: ألا يكون فيه عوض كالمصارعة ونحوها، ففي ذلك قولان للشافعية: أرجح الأقوال أنه يجوز إن كان بغير عوض، أو بعوض يكون دفعه على سبيل الرضا؛ لأنه ﷺ صارع ركانة، وروي أن عائشة رضي الله عنها قالت: (سابقت رسول الله ﷺ مرتين فسبقته في المرة الأولى، فلما بدنت سبقني، وقال: هذه بتلك) صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث: (ليس من اللهو ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه بقوسه) هذا ليس من اللهو وليس من الباطل؛ لأنه يستعان به على الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى.