تفسير قوله تعالى: (أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون)
قال تبارك وتعالى: ﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي النُّهَى﴾ [طه: ١٢٨]، ((أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ)) أي: لهؤلاء المكذبين، ((كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ)) أي: الأمم المكذبة للرسل، ((يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ)) يريد قريشاً حيث يتقلبون في بلاد عاد وثمود ولوط، ويعاينون آثار هلاكهم، فقوله: ((مَسَاكِنِهِمْ)) يعود إلى هؤلاء المعذبين من القرون المهلكة، أما قوله: ((يَمْشُونَ)) فالواو تعود إلى كفار قريش، أي: هم يتقلبون في بلاد عاد وثمود ولوط، ويعاينون آثار هلاكهم، وأنه ليس لهم باقية ولا عين ولا أثر.
((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي النُّهَى)) أي: العقول السليمة، كما قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦].